لن يصفو أحد لأحد

هذه العبارة من أجمل ما قرأت، فالناس في هذا الدنيا منهم الطيب ومنهم السيء، والطيبون منهم مشغولون بأمورهم وحياتهم، وارتباطنا باحدهم والمبالغة في التعلق به لن ينتج عنه غالبا الا أحد أمرين:

إما أن نشغلهم فينزعجوا منا.

أو يشغلونا فننزعج منهم.

وهذه سنة الحياة، وعليه يجب علينا التقدير واحترام الناس وعدم التدخل في حياتهم بدون اذن منهم، ومع هذا يكون دخولنا في حياتهم بقدر بسيط بحيث لا نؤثر عليهم ولا يؤثروا علينا.

وقد تمر بنا لحظات نحتاج لاحد يكون معنا ونبحث ولا نجد أو نجد ونحس بثقل الأمر عليه أو علينا، فما كل ما يتمنى المرء يدركه، ومن هنا تظهر حكمة: اللجوء إلى الله لا تؤثر عليه مثل هذه العوائق فكلما لجأت إلى الله اكثر كلما فرح الله بقربك منه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) أخرجه البخاري رقم(7405) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

فباب اللجوء إلى الله هو الباب الوحيد الذي اذا قربت منه قرب الله عزوجل إليك اكثر بخلاف الخلق فلكما تقربت منهم ابتعدوا عنك.

فجدير بنا أن يكون قربنا من الله تعالى أكثر من غيره.

وإنني ألاحظ أنه مع كثرة مصائب الدنيا وهمومها ونصبها نبحث عن مكان نرجع إليه فمنا من يرجع إلى بيته ليبحث عن سكن وهدوء ومرة يجده ومرة لا ويتضايق، وكذلك تمر أوقات نبحث عن صديق لنبث همومنا إليه، وهذا ليس ممنوعا او حتى مكروها فإذا وجدت أحدا فهذا أمر جيد، ولكن في كثير من الاحيان لا نجد احدا نتكلم معه ونحس بضيق صدر وهم أكثر من الهم الذي كنا فيه ولكن لا تحزن فالله عزوجل يريد بك الخير فألجأ إليه وسترى الفرق والراحة والطمأنينة التي لم تذقها من قبل.

فعن حذيفةَ قالَ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا حزبَهُ أمرٌ صلَّى.

فالصَّلاةُ فيها يَقِفُ العبدُ بينَ يدَيْ ربِّه ويَدْعوه لِتَفريجِ هُمومِه؛ فهو وحْدَه القادِرُ على إزالةِ الهمِّ والحزنِ وتسهيلِ الصِّعابِ. واللُّجوءِ إلى الصَّلاةِ عِندَ النَّوائبِ من أقرب القربات.

فأحرص أخي المسلم إلى اغتنام الفرص بشتى أنواعها فلن يصفو لك أحد، والله وحده هو الذي تلجأ إليه وتقترب منه.