ثبت عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِمَامُ ضَامِنٌ ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ ) رواه أبو داود (رقم/517) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
الحديث دليل يوجب على الإمام أن يحرص على صحة صلاة من خلفه، ولكن وللاسف ما زلنا نسمع ونشاهد بعض الأئمة يتساهلون في هذا الأمر، ويعتبر أمرا في غاية الأهمية، ولو أن الإمام ترك الصلاة لكان اهون عليه من أن يتحمل صحة صلاة من خلفه، فبعضهم هداهم الله يسرعون في الصلاة فلا يستطيع المأموم أن يأتي بواجبات واركان الصلاة كما يجب فتبطل صلاة من خلفه ويتحمل اثمهم جميعا، ولكنه لو ترك الصلاة تحمل اثم شخص واحد ولكنه لو اخل بالامامة تحمل اثم كل من صلى خلفه.
ويجب على الإمام أن يحرص كل الحرص على صحة صلاة من خلفه وسأذكر الان أهم الملاحظات التي يجب الانتباه لها إجمالا ومن ثم افصلها بالأدلة إن شاء الله، والملاحظات المذكورة تعتبر أقل ما تصح به الصلاة:
* قراءة المأموم للفاتحة في الجهرية بعد انتهاء الإمام من الفاتحة إلى الركوع، أو في الصلاة السرية، يجب أعطاء فرصة تكفي لقراءة الفاتحة للمأموم فإذا قرأ بسورة صغيرة يعطي من خلفه فرصة ووقت لقراءة الفاتحة سواء قرأها بعض المأمومين أم لا على خلاف لا يتسع المكان لذكرها، ولكنه يجب اعطاءهم الوقت الكافي للقراءة.
* قول (سبحان ربي العظيم وبحمده) بخشوع في الركوع، فإذا كبر الإمام ينتظر حتى يستطيع المأموم من الركوع وقراءة أقل الذكر (سبحان ربي العظيم وبحمده) ولو مرة واحدة بخشوع، ومن ثم يقوم من الركوع.
* اعطاء فرصة للمأمومين للاعتدال بعد الركوع والخشوع ومن ثم يسجد.
* اعطاء فرصة للمأموم من قول: (سبحان ربي الأعلى وبحمده) في السجود ، بحيث يسجد وينتظر حتى يسجد من خلفه من المأمومين ومن ثم يقولون (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ولو مرة واحدة بخشوع، ومن ثم يقوم من السجود وكذلك يفعل في كل سجود.
وأما التشهد فكذلك يعطي الوقت الكافي لقراءة التشهد الأوسط أو الأخير ولا يستعجل على المأمومين حتى لا يتحمل اثمهم، وفي التشهد الأخير يعطيهم الوقت للتشهد والصلاة الابراهيمية.
هذه الملاحظات لا تصح صلاة عبد إلا بإكمالها بالوجه المطلوب وذلك استنادا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد وقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل"، فرجع يصلي كما صلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني، فقال: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها" . أخرجه البخاري رقم (6251) ومسلم (397).
فوجب على الإمام على أقل شيء أن يأتي بهذه الواجبات حتى لا يتحمل اثم من بعده.
ولو صلى بالناس وأتى بأقل صفات الكمال للصلاة من قراءة متأنية ومرتلة والذكر ثلاث مرات والدعاء في السجود والتسبيح والتعظيم في الركوع وغير ذلك، لكان أجره عند الله أعظم وليس معناه التطويل في القراءة -حتى يمل الناس- فيكسب بذلك اجره واجر من خلفه، نسأل الله أن يهدينا إلى الطريق المستقيم ويدلنا على الخير ويعيننا عليه.
ملاحظة التطويل في الصلاة أمر مستحب في بعض الاحيان لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لا ينفر الناس، فقد ثبت أنه صلى بالاعراف في صلاة المغرب، وثبت أنه قال لمعاذ لما صلى بالناس بسورة البقرة: (إن منكم منفرين) فالإمام في التطويل ينظر حال الناس، ويصلى بما يناسب ولا مانع من التطويل في بعضها مثل صلاة الفجر فالسنة فيها التطويل وكذلك العشاء.